الخميس، 29 دجنبر 2011

مربوح: الخريطة المدرسية وسيلة لتدبير المنظومة التربوية

مربوح: الخريطة المدرسية وسيلة لتدبير المنظومة التربوية
قال إن أكاديمية مكناس ستحدث 48 مؤسسة تعليمية برسم ميزانية 2011


المصطفى مرادا
المساء : 28 - 12 - 2011
في هذا الحوار، الذي مع مربوح بنسعيد رئيس مصلحة الخريطة المدرسية بمكناس ، تحدث المفتش في التخطيط التربوي عن الخريطة المدرسية، نافيا أن تكون لها علاقة بما تعرفه المدرسة
من مشاكل، كالاكتظاظ أو ما شابه، وتطرق الخبير الأكاديمي لدور التوجيه كجسر للتواصل في تحقيق نتائج طيبة للتلاميذ..
- هدف الخريطة المدرسية لدى المسؤول الإداري هو تكييف الأهداف العامة لمخططات القطاع وفقاً لظروف كل إقليم أو جهة وإمكاناته واحتياجاته المستقبلية، لكنها عند عموم المشتغلين في القطاع تعتبر المسؤولة عن أغلب مشاكل القطاع، كالاكتظاظ مثلا، هل لك أن توضح للقراء هذا الالتباس؟
فعلا، كثيرا ما تُتّهم الخريطة المدرسية من طرف بعض الفاعلين التربويين، كالأساتذة، ومن بعض الشركاء، كجمعيات الآباء والنقابات التعليمية، بأنها السبب في أغلب المشاكل التي تعرفها المدرسة المغربية، كالاكتظاظ وارتفاع عدد الأقسام المشتركة وتراجع مستوى التعلمات لدى التلاميذ.. لكنْ، في واقع الأمر، تعتبر الخريطة التربوية أداة من أدوات التخطيط التربوي، تسعى -كما أشرت إلى ذلك في سؤالك- إلى تنزيل الأهداف والبرامج المسطرة على المستوى الوطني إلى المستوى الجهوي والمحلي، وهي نظرة استشرافية ودينامكية تستشرف مدخلات ومخرجات المنظومة التربوية على المدى القريب والمتوسط وتأخذ بعين الاعتبار الموارد المادية والبشرية المتوفرة والمتاحة في علاقتها مع تطوير المنظومة التربوية، من خلال تعميم التمدرس وتحسين جودة التعليم.. وفي جملة واحدة، تتغيى الخريطة المدرسية تحقيق التوازن بين العرض والطلب عن التمدرس.
إذن، فالخريطة المدرسية هي وسيلة لتخطيط وتدبير المنظومة التربوية ليس إلا، وليست المسؤول المباشر عن المشاكل التي ذكرتها ما دامت تعمل أساسا على توفير عرض جيّد يواكب الطلب المتزايد على التمدرس. إلا أن عوامل أخرى يمكن أن تؤثر سلبا على الخريطة المدرسية، فإفلاس مقاول مثلا أو التأخير في بناء مؤسسة تعليمية أو عدم توفير الموارد البشرية اللازمة في الوقت المناسب أو تحويل مفاجئ للسكان.. كل هذه العوامل يمكن أن تُربِك حسابات وتوقعات الخريطة المدرسية. كما أن الأقسام المشتركة تفرضها طبيعة الساكنة في الوسط القروي، والتي تتميز بعدم الاستقرار وبتشتت الدواوير وغياب البنية التحتية وتراجع عدد الأطفال الذين هم في سن التمدرس.. ولا يمكن حل هذه المعضلة إلا بتضافر جهود مختلف المتدخلين، من مجالسَ مُنتخَبة وجمعيات آباء وأمهات التلاميذ، من أجل إيجاد حلول مناسبة لكل حالة على حدة، حيث ينبغي تجميع التلاميذ في مدارس تتوفر على النقل المدرسي أو على الداخلية أو عليهما معا، وتعرف هذه المدارس بالمدارس الجماعاتية، وهذا ما تعمل عليه وزارة التربية الوطنية في إطار تنفيذ البرنامج الاستعجالي. وللإشارة، فقد كانت جهة مكناس
- تافيلالت سباقة إلى تشييد هذا النوع من المؤسسات، حيث بلغ عددها حاليا 7 مؤسسات، 5 منها متواجدة في نيابة خنيفرة.
- شهد القطاع، نتيجة للبدء في أجرأة أوراش المخطط الاستعجالي، تحسنا ملحوظا في الخدمات التي تقدمها المدرسة، حيث تم الرفع من العرض التربوي عبر تبنّي سياسة شاملة لإصلاح وتجديد نسبة مهمة من المؤسسات التعليمية، لكن هذا لم يمنع من ظهور بؤر مقلقة للاكتظاظ تجاوزت الخمسين تلميذا في الفصل الواحد.. كيف تفسر هذه الوضعية؟
لا بد أن أتوقف، في البداية، عند كلمة «بؤر» التي جاءت في سؤالك، وهي كلمة وظفتها في محلها، فعدد المؤسسات التي تعرف اكتظاظا في جهة مكناس -تافيلالت قليلة جدا وتعد على رؤوس الأصابع، مع العلم، من جهة أولى، أن عدد المؤسسات التعليمة في الجهة بلغ هذه السنة 866، دون احتساب الفرعيات.. ومن جهة أخرى، أجزم أنه ليس هناك أي فصل في جهة مكناس تافيلالت يصل عدد التلاميذ فيه إلى 50.. نعم، هناك أقسام يتراوح فيها عدد التلاميذ بين 45 و48، ولكن نسبتها ضعيفة جدا، وتوجد هذه الأقسام في الأحياء وفي البلديات التي تعرف نموا سريعا، أو هي وجهة مفضلة للهجرة، كحي سيدي بوزكري في مكناس وبلدية ويسلان. وسيتم التغلب على هذه الوضعية في السنتين المقبلتين على أبعد تقدير، من خلال توسيع العرض التربوي في إطار تنفيذ البرنامج الاستعجالي، حيث إن الأكاديمية ستحدث 48 مؤسسة تعليمية جديدة برسم ميزانية 2011، منها 9 مدارس ابتدائية و27 إعدادية و12 ثانوية -تأهيلية، وهي حاليا في طور الدراسات، وسيتم قريبا الإعلان عن صفقات الأشغال.
- أضحت مسألة التوجيه التربوي اليوم تتخذ أبعادا جديدة، تتعدى البعد التقني لتصبح كفاية ينبغي تنميتها عند المتعلم تحت اسم التربية على الاختيار، لكن بعض أهل التربية والتكوين يعتقدون بأحكام مسبقة تعتبر المستشار في التوجيه مجرد «موظف شبح» أي أنه لا يشتغل، هل لك أن توضح للقارئ حقيقة التوجيه التربوي في ظل المستجدات التربوية الحالية؟
اقتضى الوعي المتزايد لدى التلاميذ والطلبة والفاعلين بأهمية التوجيه وانعكاساته الايجابية، إنْ على مستوى تنمية الموارد البشرية أو ترشيدها، تبنّيَّ مقاربة جديدة تتعدى البعد التقني -الإحصائي الذي كان سائدا قبل إصلاح منظومة الإعلام والتوجيه . وتعتمد هذه المقاربة الجديدة «التربية على الاختيار» كمدخل أساسي لتهيئ التلميذ للاختيار في التوجيه إلى مسلك أو شعبة أو تكوين معين، الشيء الذي يقتضي رعاية تربوية خاصة بتأطير من اختصاصيين في المجال. وتعتبر أطر التوجيه التربوي الأطر المؤهلةَ أكثر من غيرها في هذا الميدان، نظرا إلى كفاءتها وتكوينها في المجال، حيث تضطلع بمهام كثيرة ومختلفة، رغم الخصاص المسجل في عددها ورغم قلة وسائل العمل. فأطر التوجيه حاضرة في تأطير الدخول المدرسي (عملية تغيير التوجيه، إعادة التلاميذ المفصولين وتأطير عملية المستلزمات الدراسية) واستقبال التلاميذ وأوليائهم على طول السنة الدراسية بمختلف البنيات الخدماتية (المركز الجهوي والمراكز الإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه وكذا القطاعات المدرسية للتوجيه)، المساهمة في مختلف اللجن التقنية في المؤسسة، وكذا المشاركة في التظاهرات الإعلامية الجهوية والإقليمية والمحلية..
وفي إطار تدارك الاختلالات المذكورة، تبنّى البرنامج الاستعجالي لإصلاح منظومة التربية والتكوين في المشروع «E3P7»، الخاص بوضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه، إجراء يتعلق بتقوية الموارد البشرية العاملة في مجال التوجيه، كمّاً وكيفا، من خلال توظيف 1000 مستشار جدد في التوجيه في أفق 2012 والسهر على إعداد إستراتيجية وطنية للتكوين المستمر لتأهيل هذه الموارد لمواكبة المستجدات، وكذا تزويدهم بوسائل العمل الضرورية (فضاء مجهز للإعلام والمساعدة على التوجيه في كل ثانوية وحاسوب مرتبط بشبكة الأنترنت).. وكل هذا سيقوي من حضور الأطر في التوجيه في مختلف العمليات المتعلقة بالإعلام والمساعدة على التوجيه.
-تنظم كل سنة في أهم مدن المملكة «ملتقيات الطالب».. أين ينتهي التجاري ويبدأ التربوي في هذه الملتقيات، خصوصا أن عددا كبيرا من المدارس الخاصة التي تعرض خدماتها لا تخفي مقاصدها الاقتصادية؟
انطلاقا من القناعة التامة أن نجاعة خدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه تتطلب الانخراط الفعليَّ لجميع الفاعلين، كل من زاويته، في حقل الإعلام والتوجيه: أطر التوجيه، الأساتذة، الأسرة، الشركاء.. خاصة أن البرنامج الاستعجالي يروم تعبئة كل الأطراف المعنية بالتوجيه، فإن أكاديمية جهة مكناس -تافيلالت، كباقي الأكاديميات، تشجع كل مبادرة جادة تتغيى خدمة مجال الإعلام والتوجيه، إذ كانت سبّاقة إلى توقيع اتفاقيات شراكة مع شركاء في مجال الإعلام المدرسي والمهني والجامعي، بهدف دعم التظاهرات الإعلامية، من خلال الترخيص للِجن الاتصال، التابعة للشركاء، بزيارة الثانويات التأهيلية قصد إخبار التلاميذ بموعد ومكان التظاهرة، وفي مقابل ذلك، يشترط على الشركاء تخصيص عدد من الأروقة بالمجان لعدد من المدارس والمعاهد العليا العمومية الموجودة في تراب الجهة..
نعم، هناك أهداف تجارية للشركاء لا يمكن نفيها، ولكنْ في المقابل، هناك استفادة كبيرة لتلامذتنا، حيث تمثل هذه التظاهرات للتلاميذ، إن على المستوى الجهوي أو الإقليمي، فرصة سانحة للتعرف عن قرب عن فرص التكوين بعد البكالوريا في القطاعين العام والخاص، وفرصة حقيقية كذلك للاستفادة من مقابلات فردية مع أطر التوجيه ولحضور الندوات والعروض التي تُنظَّم على هامش هذه التظاهرات (عروض حول مهن الهندسة والبورصة مثلا)..
- تمثل مصلحة الخريطة المدرسية والإعلام والتوجيه التي تشرف عليها جسرا للتواصل في مجال الإعلام والتوجيه بين الإدارة المركزية والنيابات الإقليمية، من جهة، وبين باقي الفاعلين والمتدخلين في القطاع، من جهة أخرى، خصوصا مع الإقرار باللا مركزية الإدارية. غير أن هؤلاء يعتقدون أن هذه المصلحة ما تزال رهينة عوائق بيروقراطية تحد من تواصلها.. هل هذا صحيح؟
-في البداية، لا بد من الإشارة إلى أنه تماشيا مع توجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكذا البرنامج الاستعجالي، وبغية تحديد أدوار مختلف الفاعلين في حقل الإعلام والتوجيه وجعله أكثر نجاعة، تم تصنيف بنيات هذا الحقل إلى ثلاثة:
-بنيات إدارية: تساهم في بلورة توجهات الوزارة في مجال التوجيه التربوي، مركزيا، جهويا وإقليميا،
-بنيات خدماتية: مهمتها استقبال التلاميذ والطلبة وأولياء أمورهم قصد تزويدهم بالمعلومات الخاصة بالشُّعب والمسالك الدراسية والآفاق التكوينية وتأطير الحاملين منهم مشاريع شخصية. ويقصد بهذه البنيات الخدماتية المركز الجهوي والمراكز الإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه وكذا القطاعات المدرسية للتوجيه،
-بنيات تأطيرية: مركزية، جهوية وإقليمية، تعنى بمهام التأطير والمراقبة التربوية والتتبع والتقويم والبحث التربوي، وتتمثل في المفتشيات المركزية والجهوية والإقليمية للتوجيه.
وبخصوص المصلحة التي أشرف عليها فهي بنية إدارية جهوية للإعلام والتوجيه، إضافة إلى تدبير الخريطة المدرسية الجهوية، حيث تساهم في بلورة سياسة الوزارة في مجال الإعلام والتوجيه، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الجهة، وتضطلع المصلحة في هذا الصدد بمجموعة من المهام:
-الإشراف الفعلي على أجرأة مضامين المشروع «E3P7»، الذي يروم «وضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه»، حيث نالت أكاديمية جهة مكناس -تافيلالت شرف احتضان المرحلة التجريبية لهذا المشروع في أواخر سنة 2008، وتمكّنت، بمعية فريق مركزي من الوحدة المركزية للإعلام والتوجيه آنذاك، من وضع تصور شامل لإصلاح منظومة الإعلام والتوجيه، إذ تم تعميمه على جميع أكاديميات المملكة،
-تدبير خريطة القطاعات المدرسية للإعلام والتوجيه،
-تحديد الحاجيات من التكوين المستمر لأطر التوجيه وكذا الإشراف على إنجاز هذا التكوين،
-تنسيق مختلف العمليات الإدارية التي لها علاقة بالإعلام والتوجيه (عملية التوجيه المدرسي والمهني، الانتقاء الأولي للشعب الخاصة، عملية إعادة التوجيه)،
-تتبع تنفيذ اتفاقيات الشراكة المبرمة مع الشركاء في حقل الإعلام والتوجيه..
ومع ذلك، فأبواب المصلحة مفتوحة أمام التلاميذ وأوليائهم، حيث تستقبل يوميا عددا كبيرا منهم، خاصة في بداية الدخول المدرسي وقبل نهايته.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

آخر الاخبار

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More