قبل ثمانية عقود، كان يمكن لأحمد شوقي أن يمسك ريشته، ويكتب بانتشاء بيته الخالد:
قم للمعلم وفه التبجيلا/ كاد المعلم أن يكون رسولا….آنذاك، كان فخرا توشيح رجل التربية بما يشبه الحمالة الكبرى، وتقليده، شعريا على الأقل، الرسالة العظمى التي يختص بها الأنبياء والرسل والمبعوثون، أما اليوم، فأعتقد أن أمير الشعراء سيتردد ألف مرة قبل مد يده لمصافحة طينة من الأساتذة والمربين والمعلمين يقضون سواد يومهم في تدبير حيل للهروب من الفصل، سواء عبر ركوب قوارب شهادات طبية وهمية، أو بمشاركات مكثفة في جميع الإضرابات القطاعية والمحطات “النضالية” تحت جميع المظلات وبجميع الألوان النقابية..المهم هو المشاركة، كما يردد ذات منشط إذاعي تافه.
صُعقت، قبل أيام، حين مدني أحد زملائي المراسلين بخطاطة تقنيات الاحتيال التي يبتكرها عدد من الأساتذة والأطر التربوية لاستدامة بقائهم خارج حجرات الدرس، مع ضمان، طبعا، استمرار توصلهم بالراتب الشهري، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن تجرأ من طاقم النيابة، وأصدر قرارا باقتطاع أيام الغياب، لأن ذلك يعني “نهاية العالم”، وسلسلة أخرى من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي ترفع عاليا شعار “انصر المعلم ظالما أو مظلوما”.
أفظع هذه الحيل، حين يستيقظ معلم باكرا، وعوض أن يتجه إلى الفصل لأداء واجب يتقاضى عليه أجرا من ميزانية الدولة وثوابا من الله، يدفع باب أقرب عيادة لتسلم شهادة طبية بعدد الأيام التي ترضي رغبته في البقاء متسكعا خارج القسم.
بعض هؤلاء، يملكون جباها قوية، يعمدون إلى قضاء عطلهم المرضية في واجهة المقاهي المقابلة لمؤسساتهم التعليمية، يكرعون كؤوس “نص-نص” ويملؤون ما يشاؤون من كلمات مسهمة ومتقاطعة ويشنون حربا بلا هوادة على جميع خانات “سودوكو”.
أما “القافزون” منهم، فما إن يتأكدوا من وصول الشهادة الطبية إلى المصلحة المعنية بالنيابة، حتى يجمعوا حقائبهم و”عيط جبد” إلى المطار لقضاء عطلة مدفوعة الأجر بإحدى دول أوربا، وغالبا ما ينتهزها بعض الأساتذة فرصة لزيارة ابن يتابع دراسته في إحدى جامعات فرنسا، لذلك عمدت بعض الأكاديميات، أخيرا، إلى التنسيق مع مصالح الأمن بمطارات المملكة لتنقيط عدد من “المتمارضين” والتأكد من وجودهم فوق أسرة المرض، أو طائرين فوق الســحاب.
إن الأمر يتعلق، في الأول والأخير، بأحد أوجه تخليق الحياة المدرسية التي يعبث به أساتذة ومعلمون وبأنانية مفرطة، في الوقت الذي يساهمون، من حيث لا يدركون، في تخريب قيم مجتمع برمته يشهد، اليوم، على انهيار “القدرة” و”النموذج”.
قم للمعلم وفه التبجيلا/ كاد المعلم أن يكون رسولا….آنذاك، كان فخرا توشيح رجل التربية بما يشبه الحمالة الكبرى، وتقليده، شعريا على الأقل، الرسالة العظمى التي يختص بها الأنبياء والرسل والمبعوثون، أما اليوم، فأعتقد أن أمير الشعراء سيتردد ألف مرة قبل مد يده لمصافحة طينة من الأساتذة والمربين والمعلمين يقضون سواد يومهم في تدبير حيل للهروب من الفصل، سواء عبر ركوب قوارب شهادات طبية وهمية، أو بمشاركات مكثفة في جميع الإضرابات القطاعية والمحطات “النضالية” تحت جميع المظلات وبجميع الألوان النقابية..المهم هو المشاركة، كما يردد ذات منشط إذاعي تافه.
صُعقت، قبل أيام، حين مدني أحد زملائي المراسلين بخطاطة تقنيات الاحتيال التي يبتكرها عدد من الأساتذة والأطر التربوية لاستدامة بقائهم خارج حجرات الدرس، مع ضمان، طبعا، استمرار توصلهم بالراتب الشهري، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن تجرأ من طاقم النيابة، وأصدر قرارا باقتطاع أيام الغياب، لأن ذلك يعني “نهاية العالم”، وسلسلة أخرى من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي ترفع عاليا شعار “انصر المعلم ظالما أو مظلوما”.
أفظع هذه الحيل، حين يستيقظ معلم باكرا، وعوض أن يتجه إلى الفصل لأداء واجب يتقاضى عليه أجرا من ميزانية الدولة وثوابا من الله، يدفع باب أقرب عيادة لتسلم شهادة طبية بعدد الأيام التي ترضي رغبته في البقاء متسكعا خارج القسم.
بعض هؤلاء، يملكون جباها قوية، يعمدون إلى قضاء عطلهم المرضية في واجهة المقاهي المقابلة لمؤسساتهم التعليمية، يكرعون كؤوس “نص-نص” ويملؤون ما يشاؤون من كلمات مسهمة ومتقاطعة ويشنون حربا بلا هوادة على جميع خانات “سودوكو”.
أما “القافزون” منهم، فما إن يتأكدوا من وصول الشهادة الطبية إلى المصلحة المعنية بالنيابة، حتى يجمعوا حقائبهم و”عيط جبد” إلى المطار لقضاء عطلة مدفوعة الأجر بإحدى دول أوربا، وغالبا ما ينتهزها بعض الأساتذة فرصة لزيارة ابن يتابع دراسته في إحدى جامعات فرنسا، لذلك عمدت بعض الأكاديميات، أخيرا، إلى التنسيق مع مصالح الأمن بمطارات المملكة لتنقيط عدد من “المتمارضين” والتأكد من وجودهم فوق أسرة المرض، أو طائرين فوق الســحاب.
إن الأمر يتعلق، في الأول والأخير، بأحد أوجه تخليق الحياة المدرسية التي يعبث به أساتذة ومعلمون وبأنانية مفرطة، في الوقت الذي يساهمون، من حيث لا يدركون، في تخريب قيم مجتمع برمته يشهد، اليوم، على انهيار “القدرة” و”النموذج”.
جريدة الصباح
0 التعليقات:
إرسال تعليق